المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تأملات في مناجاة العارفين للإمام زين العابدين عليه السلام


ابووجدان
10-18-2009, 12:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وانصر محبهم واهلك عدوهم


تأملات في مناجاة العارفين للإمام زين العابدين عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

إلهِي قَصُرَتِ الأَلْسُنُ عَنْ بُلُوغِ ثَنآئِكَ، كَما يَلِيقُ بِجَلالِكَ، وَعَجَزَتِ الْعُقُولُ عَنْ إدْراكِ كُنْهِ جَمالِكَ، وَانْحَسَرَتِ الأَبْصارُ دُونَ النَّظَرِ إلى سُبُحاتِ وَجْهِكَ، وَلَمْ تَجْعَلْ لِلْخَلْقِ طَرِيقاً إلى مَعْرِفَتِكَ إلاَّ بِالْعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَتِكَ.
إلهِي فَاجْعَلْنا مِنَ الَّذِينَ تَرَسَّخَتْ أَشْجارُ الشَّوقِ إلَيْكَ فِي حَدآئِقِ صُدُورِهِمْ، وَأَخَذَتْ لَوْعَةُ مَحَبَّتِكَ بِمَجامِعِ قُلُوبِهِمْ، فَهُمْ إلَى أَوْكارِ الأَفْكارِ يَأْوُونَ، وَفِي رِياضِ الْقُرْبِ وَالْمُكاشَفَةِ يَرْتَعُونَ، وَمِنْ حِياضِ الْمَحَبَّةِ بِكَأْسِ الْمُلاطَفَةِ يَكْرَعُونَ، وَشَرايعَ الْمُصافاةِ يَرِدُونَ، قَدْ كُشِفَ الْغِطآءُ عَنْ أَبْصَارِهِمْ، وَانْجَلَتْ ظُلْمَةُ الرَّيْبِ عَنْ عَقآئِدِهِمْ، وَانْتَفَتْ مُخالَجَةُ الشَّكِّ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَسَرآئِرِهِمْ، وَانْشَرَحَتْ بِتَحْقِيقِ الْمَعْرِفَةِ صُدُورُهُمْ، وَعَلَتْ لِسَبْقِ السَّعادَةِ فِي الزَّهادَةِ هِمَمُهُمْ، وَعَذُبَ فِي مَعِينِ الْمُعامَلَةِ شِرْبُهُمْ وَطابَ فِي مَجْلِسِ الأُنْسِ سِرُّهُمْ، وَأَمِنَ فِي مَوْطِنِ الْمَخافَةِ سِرْبُهُمْ، وَاطْمَأَنَّتْ بِالرُّجُوْعِ إلى رَبِّ الأَرْبابِ أَنْفُسُهُمْ، وَتَيَقَّنَتْ بِالْفَوْزِ وَالْفَلاحِ أَرْواحُهُمْ، وَقَرَّتْ بِالنَّظَرِ إلى مَحْبُوبِهِمْ أَعْيُنُهُمْ، وَاسْتَقَرَّ بِإدْراكِ السُّؤْلِ وَنَيْلِ الْمَأْمُولِ قَرَارُهُمْ، وَرَبِحَتْ فِي بَيْعِ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ تِجارَتُهُمْ.
إلهِي ما أَلَذَّ خَواطِرَ الإِلْهامِ بِذِكْرِكَ عَلَى الْقُلُوبِ، وَما أَحْلَى الْمَسِيرَ إلَيْكَ بِالأَوْهامِ فِي مَسالِكِ الْغُيُوبِ، وَما أَطْيَبَ طَعْمَ حُبِّكَ، وَما أَعْذَبَ شِرْبَ قُرْبِكَ، فَأَعِذْنا مِنْ طَرْدِكَ وَإبْعادِكَ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَخَصِّ عارِفِيكَ، وَأَصْلَحِ عِبادِكَ، وَأَصْدَقِ طآئِعِيكَ وَأَخْلَصِ عُبَّادِكَ، يا عَظِيمُ، يا جَلِيلُ، يا كَرِيمُ، يا مُنِيلُ، بِرَحْمَتِكَ وَمَنِّكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

لقد بحث الإمام عليه السلام المناجاة على وجوه ثلاث:

:. الأول: في قصور المناجي وكمال المناجى.

1ـ قصور لسان المحب عن بلوغ الثناء لله سبحانه كما يليق بجلال المحبوب حيث تقصير الكلمات والمعاني عن بلوغ الثناء ذلك القصور الذي يسمى بالقصور اللغوي وابتدئ بالثناء أولاً لان ديدن من يناجي أن يبتدأ بالثناء على المحبوب أولاً.
2ـ عجز العقول عن أدراك أو قصور ألذات لألهيه أو إدراك جمال المحبوب.
3ـ انحسار الأبصار أي قصورها عن النظر إلى جمال الجميل بقوله عليه السلام (بالنظر إلى سبحات وجهك) وهو تعبير مجازي سفر عن عجز العبد عن إدراك المعبود ويختم هذا الوجه بحقيقة عر فانية مفادها (إن المحبوب وضع للحب طريقاً إلى معرفته وهو طريق العجز والاستسلام والتذلل للكمال المطلق).

:. الثاني: في صفات العارفين:

1- الثبات: أي أن يكون عنصر الاشتياق للمحبوب بقاءً أو استقراراً متر سخ في نفوسهم لا ينقطع ولو للحظة واحدة وهم (الذين ترسخت أشجار الشوق إليك في حدائق صدروهم).
2- لا يتحملون البعد عن المحبوب ولو للحظات فإنها تشكل لوعة تأخذ بمجامع قلوبهم.
3- التفكير في المحبوب شغلهم الشاغل.
4- السلوك إلى الكمال المطلق لا استقرار له ولا توقف إلا في رياض القرب الإلهي.
5- إنهم دائمي العطش لا يرتوون أبداً إلا بكأس الملاطفة الإلهية من عالم الصفاء المطلق.
6- إن الغطاء مكشوف عنهم فلا حجاب ولا ظلمه بينهم وبين محبوبهم.
7- إن عقائدهم صافية وأهدافهم خالصة للمحبوب فلا يبوبهم ريب ولا شك في قلوبهم أو سرائرهم.
8- أن قلوبهم تنشرح أكثر كلما ازدادوا معرفة بالمحبوب.
9- أنهم يتسابقون في طلب السعادة عن طريق ألزهاده.
10- إن مائهم العذب هو معين المعاملة مع المحبوب.
11- إن أوراحهم مستقرة وقلوبهم آمنة بقربهم من رب الأرباب.
12- إنهم متيقنون بالفلاح والفوز لدى المحبوب.
13- أن تجارتهم رابحة لا خسارة فيها لأنهم باعوا الدنيا بالآخرة.

:. الثالث: في بيان ملذات السلوك إلى المحبوب.

1- إن التفكير في المحبوب ومناجاته لا بد لها من أجابه تمثل ألذ خواطر الإلهام على قلوب السالكين.
2- ما أحلى إن يسير المحب إلى محبوبة في مسالك لا ظلمة ولا كدرة فيها بل هي نور في عالم النور.
3- ما أطيب طعم الحب الإلهي وما أعذب شرب القرب الإلهي.

وأخيراً يتعوذ من الطرد من ساحة المحبوب المقدسة والإبعاد من عالم النور الإلهي إلى عالم الكدرة والظلمة طالباً ومتوسلاً أن يكون من اخص العارفين بالله سبحانه وأصلح العباد واصدق الطائعين للمحبوب واخلص العباد إليه سبحانه


</b></i>






م.ن

بدربونادر
10-19-2009, 12:47 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
استمتعت بقراتها وهذا موضوع جميل جدا

بوضياء
10-19-2009, 03:16 PM
اللهم اجعلنا واياكم من العارفين

ابو وجدان مبدع كعادتك في تقديم الغذاء الوحي لأعضاء المنتدى

دمت بألف خير

.

عشقي السبطين للابد
10-19-2009, 07:33 PM
مشكور اخوي على هذا الموضوع الراااااااقي
مع خالص الدعاء يبارك ايامك كلها خير والسعاده

دموع الوحي
10-21-2009, 02:11 PM
أبووجدان



جزاك الله على نقلك المعلومات


تحياتي لك

دانه
10-30-2009, 12:55 AM
جزاك الله خير بو وجدان على تقديم مثل هذه المواضيع الرائعة
يعطيك العافية