فارس هجر
10-13-2009, 01:16 AM
قصيده
” رساله في ليله التنفيذ “
فازت هذه القصيدة بجائزة المجلس الأعلى للفنون و الاداب بمصر ,
و نالت الجائزة الأولى في مهرجان الشعر بدمشق عام 1959
أبتاه ماذا قد يخط بناني—- و الحبل و الجلاد ينتظران
هذا الكتاب إليك من زنزانة —- مقرورة صخرية الجدران
لم تبق إلا ليلة أحيا بها—- وأحس أن ظلامها أكفاني
ستمر يا أبتاه لست أشك في—- هذا وتحمل بعدها جثماني
الليل من حولي هدوء قاتل —-والذكريات تمور في وجداني
ويهدني ألمي فأنشد راحتي—- في بضع آيات من القرآن
والنفس بين جوانحي شفافة—- دبَّ الخشوع بها فهز كياني
قد عشت أومن بالإله ولم أذق—- إلا أخيرا لذة الإيمان
شكرا لهم أنا لا أريد طعامهم —- فليرفعوه فلست بالجوعان
هذا الطعام المر ما صنعته لي—- أمي و لا وضعوه فوق خوان
كلا ولم يشهده يا أبتي معي—- أخوان لي جاءاه يستبقان
مدوا إلي به يدا مصبوغة—- بدمي و هذي غاية الإحسان
والصمت يقطعه رنين سلاسل —- عبثت بهن أصابع السجان
ما بين آونة تمر وأختها —- يرنو إلى بمقلتي شيـــطان
من كوة بالباب يرقب صيده —- ويعود في أمن إلى الدوران
أنا لا أحس بأي حقد نحوه —- ماذا جنى فتمسه أضغاني
هو طيب الأخلاق مثلك يا —-أبي لم يبد في ظمأ إلى العدوان
لكنه إن نام عني لحظة—- ذاق العيال مــرارة الحرمان
فلربما وهو المُرَوِّعُ سحنة—- لو كان مثلى شاعرا لرثاني
أو عاد ـ من يدري ـ إلى أولاده—- يوماً تذُكِّرَ صورتي فبكاني
وعلى الجدار الصلب نافذة بها—- معنى الحياة غليظة القضبان
قد طالما شارفتها متأملا —-في السائرين على الأسى اليقظان
فأرى وجوما كالضباب مصورا —-ما في قلوب الناس من غليان
نفس الشعور لدى الجميع وإن همُ—- كتموا وكان الموت في إعلاني
و يدور همس في الجوانح ما الذي—- بالثورة الحمقاء قد أغراني ؟
أو لم يكن خيرا لنفسي أن أُرى—- مثل الجميع أسير في إذعان ؟
ما ضرني لو قد سكت وكلما —-غلب الأسى بالغتُ في الكتمان
هذا دمي سيسيل يجري مطفئا—- ما ثار في جنْبَىَّّ من نيران
وفؤادي المَوَّار في نبضاته—- سيكف من غده عن الخفقان
والظلم باق لن يحطم قيده —- موتي ولن يودي به قرباني
ويسير ركب البغي ليس يضيره—- شاة إذا اجتثت من القطعان
هذا حديث النفس حين تشق عن—- بشريتي وتمور بعد ثوان
وتقول لي إن الحياة لغايةٍ —-أسمى من التصفيق للطغيان
أنفاسك الحَرَّى وإن هى أُخمدت—- ستظل تغمر أُفقهم بدخان
وقروح جسمك وهو تحت سياطهم —- قسمات صبح يتقيه الجاني
دمع السجين هناك في أغلاله —- ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى إذا ما أفعمت بهما الربا —- لم يبق غير تمرد الفيضان
ومن العواصف ما يكون هبوبها —- بعد الهدوء وراحة الربانِ
إن احتدام النار في جوف الثرى —- أمر يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات ينزل بعده —- سيل يليه تدفق الطوفان
فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا—- أقوى من الجبروت والسلطان
أنا لست أدرى هل ستُذْكَر قصتي—- أم سوف يعروها دجى النسيان ؟
أو أنني سأكون في تاريخنا —- متآمرا أم هادم الأوثان ؟
كل الذي أدريه أن تجرعي —- كأس المذلة ليس في إمكاني
لو لم أكن في ثورتي متطلبا —- غير الضياء لأمتي لكفاني
أهوى الحياة كريمة لا قيد لا —- إرهاب لا استخفاف بالإنسان
فإذا سقطتُ سقطتُ أحمل عزتي—- يغلى دم الأحرار في شرياني
أبتاه إن طلع الصباح على الدنى—- وأضاء نور الشمس كل مكان
واستقبل العصفور بين غصونه —- يوما جديدا مشرق الألوان
وسمعتَ أنغام التفاؤل ثرة —- تجري على فم بائع الألبان
وأتى يدق- كما تعود- بابنا —- سيدق باب السجن جلادان
وأكون بعد هنيهة متأرجحا —- في الحبل مشدودا إلى العيدان
لِيَكُنْ عزاؤك أن هذا الحبل ما —- صنعته في هذي الربوع يدان
نسجوه في بلد يشع حضارة —- و تضاء منه مشاعل العرفان
أو هكذا زعموا وجيء به إلى —- بلدي الجريح على يد الأعوان
أنا لا أريدك أن تعيش محطما —- في زحمة الآلام والأشجان
إن ابنك المصفود في أغلاله —- قد سيق نحو الموت غير مدان
فاذكر حكايات بأيام الصبا —- قد قلتها لي عن هوى الأوطان
وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى —- تبكى شبابا ضاع في الريعان
وتُكَتِّم الحسرات في أعماقها —- ألما تواريه عن الجيران
فاطلب إليها الصفح عني إنني —-لا أبتغي منها سوى الغفران ِ
مازال في سمعي رنين حديثها —- ومقالها في رحمة وحنان ِ
أَبُنَيَّ : إني قد غدوت عليلة —- لم يبق لي جَلَد على الأحزان ِ
فأذق فؤاديَ فرحة بالبحث عن — بنت الحلال ودعك من عصياني
كانت لها أمنية ريانة —- يا حسن أمال لها وأمانى ِ
غزلت خيوط السعد مخضلا ولم —-يكن انتقاض الغزل في الحسبان ِ
والآن لا أدرى بأي جوانح —- ستبيت بعدى أم بأي جنان
هذا الذي سطرته لك يا أبي —- بعض الذي يجرى بفكر عان
لكن إذا انتصر الضياء ومُزِّقَتْ —- بيد الجموع شريعة القرصان
فلسوف يذكرني ويُكبر همتي —- من كان فى بلدي حليف هوان
وَإلى لِقاءٍ تَحْتَ ظِلِّ عَدالَةٍ —- قُدْسِيَّةِ الأَحْـكامِ والمِيزانِ
تحياتي واحترامى اخوكم فارس هجججججججججر
” رساله في ليله التنفيذ “
فازت هذه القصيدة بجائزة المجلس الأعلى للفنون و الاداب بمصر ,
و نالت الجائزة الأولى في مهرجان الشعر بدمشق عام 1959
أبتاه ماذا قد يخط بناني—- و الحبل و الجلاد ينتظران
هذا الكتاب إليك من زنزانة —- مقرورة صخرية الجدران
لم تبق إلا ليلة أحيا بها—- وأحس أن ظلامها أكفاني
ستمر يا أبتاه لست أشك في—- هذا وتحمل بعدها جثماني
الليل من حولي هدوء قاتل —-والذكريات تمور في وجداني
ويهدني ألمي فأنشد راحتي—- في بضع آيات من القرآن
والنفس بين جوانحي شفافة—- دبَّ الخشوع بها فهز كياني
قد عشت أومن بالإله ولم أذق—- إلا أخيرا لذة الإيمان
شكرا لهم أنا لا أريد طعامهم —- فليرفعوه فلست بالجوعان
هذا الطعام المر ما صنعته لي—- أمي و لا وضعوه فوق خوان
كلا ولم يشهده يا أبتي معي—- أخوان لي جاءاه يستبقان
مدوا إلي به يدا مصبوغة—- بدمي و هذي غاية الإحسان
والصمت يقطعه رنين سلاسل —- عبثت بهن أصابع السجان
ما بين آونة تمر وأختها —- يرنو إلى بمقلتي شيـــطان
من كوة بالباب يرقب صيده —- ويعود في أمن إلى الدوران
أنا لا أحس بأي حقد نحوه —- ماذا جنى فتمسه أضغاني
هو طيب الأخلاق مثلك يا —-أبي لم يبد في ظمأ إلى العدوان
لكنه إن نام عني لحظة—- ذاق العيال مــرارة الحرمان
فلربما وهو المُرَوِّعُ سحنة—- لو كان مثلى شاعرا لرثاني
أو عاد ـ من يدري ـ إلى أولاده—- يوماً تذُكِّرَ صورتي فبكاني
وعلى الجدار الصلب نافذة بها—- معنى الحياة غليظة القضبان
قد طالما شارفتها متأملا —-في السائرين على الأسى اليقظان
فأرى وجوما كالضباب مصورا —-ما في قلوب الناس من غليان
نفس الشعور لدى الجميع وإن همُ—- كتموا وكان الموت في إعلاني
و يدور همس في الجوانح ما الذي—- بالثورة الحمقاء قد أغراني ؟
أو لم يكن خيرا لنفسي أن أُرى—- مثل الجميع أسير في إذعان ؟
ما ضرني لو قد سكت وكلما —-غلب الأسى بالغتُ في الكتمان
هذا دمي سيسيل يجري مطفئا—- ما ثار في جنْبَىَّّ من نيران
وفؤادي المَوَّار في نبضاته—- سيكف من غده عن الخفقان
والظلم باق لن يحطم قيده —- موتي ولن يودي به قرباني
ويسير ركب البغي ليس يضيره—- شاة إذا اجتثت من القطعان
هذا حديث النفس حين تشق عن—- بشريتي وتمور بعد ثوان
وتقول لي إن الحياة لغايةٍ —-أسمى من التصفيق للطغيان
أنفاسك الحَرَّى وإن هى أُخمدت—- ستظل تغمر أُفقهم بدخان
وقروح جسمك وهو تحت سياطهم —- قسمات صبح يتقيه الجاني
دمع السجين هناك في أغلاله —- ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى إذا ما أفعمت بهما الربا —- لم يبق غير تمرد الفيضان
ومن العواصف ما يكون هبوبها —- بعد الهدوء وراحة الربانِ
إن احتدام النار في جوف الثرى —- أمر يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات ينزل بعده —- سيل يليه تدفق الطوفان
فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا—- أقوى من الجبروت والسلطان
أنا لست أدرى هل ستُذْكَر قصتي—- أم سوف يعروها دجى النسيان ؟
أو أنني سأكون في تاريخنا —- متآمرا أم هادم الأوثان ؟
كل الذي أدريه أن تجرعي —- كأس المذلة ليس في إمكاني
لو لم أكن في ثورتي متطلبا —- غير الضياء لأمتي لكفاني
أهوى الحياة كريمة لا قيد لا —- إرهاب لا استخفاف بالإنسان
فإذا سقطتُ سقطتُ أحمل عزتي—- يغلى دم الأحرار في شرياني
أبتاه إن طلع الصباح على الدنى—- وأضاء نور الشمس كل مكان
واستقبل العصفور بين غصونه —- يوما جديدا مشرق الألوان
وسمعتَ أنغام التفاؤل ثرة —- تجري على فم بائع الألبان
وأتى يدق- كما تعود- بابنا —- سيدق باب السجن جلادان
وأكون بعد هنيهة متأرجحا —- في الحبل مشدودا إلى العيدان
لِيَكُنْ عزاؤك أن هذا الحبل ما —- صنعته في هذي الربوع يدان
نسجوه في بلد يشع حضارة —- و تضاء منه مشاعل العرفان
أو هكذا زعموا وجيء به إلى —- بلدي الجريح على يد الأعوان
أنا لا أريدك أن تعيش محطما —- في زحمة الآلام والأشجان
إن ابنك المصفود في أغلاله —- قد سيق نحو الموت غير مدان
فاذكر حكايات بأيام الصبا —- قد قلتها لي عن هوى الأوطان
وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى —- تبكى شبابا ضاع في الريعان
وتُكَتِّم الحسرات في أعماقها —- ألما تواريه عن الجيران
فاطلب إليها الصفح عني إنني —-لا أبتغي منها سوى الغفران ِ
مازال في سمعي رنين حديثها —- ومقالها في رحمة وحنان ِ
أَبُنَيَّ : إني قد غدوت عليلة —- لم يبق لي جَلَد على الأحزان ِ
فأذق فؤاديَ فرحة بالبحث عن — بنت الحلال ودعك من عصياني
كانت لها أمنية ريانة —- يا حسن أمال لها وأمانى ِ
غزلت خيوط السعد مخضلا ولم —-يكن انتقاض الغزل في الحسبان ِ
والآن لا أدرى بأي جوانح —- ستبيت بعدى أم بأي جنان
هذا الذي سطرته لك يا أبي —- بعض الذي يجرى بفكر عان
لكن إذا انتصر الضياء ومُزِّقَتْ —- بيد الجموع شريعة القرصان
فلسوف يذكرني ويُكبر همتي —- من كان فى بلدي حليف هوان
وَإلى لِقاءٍ تَحْتَ ظِلِّ عَدالَةٍ —- قُدْسِيَّةِ الأَحْـكامِ والمِيزانِ
تحياتي واحترامى اخوكم فارس هجججججججججر