المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تأملات من حياة نبي الله يوسف عليه السلام


ابووجدان
09-23-2009, 12:20 PM
http://www.persianv.com/photo/albums/yoosof/normal_yoosof_(1).jpg

إن أحسن القصص هي قصص القرآن الكريم.. فحياة يوسف (ع) من القصص الثرية بالعبر: شاب يرى مناما ملفتا في صغر سنه، ويحظى بمرتبة متميزة في قلب والده، ثم تقع عليه المكيدة العظيمة من قبل إخوانه، فيُلقى في غيابات الجب، ليموت جوعا وعطشا.. فإذا بقافلة تمر عليه ويرونه في أسفل البئر، فيأخذونه ويبيعونه بدارهم قليلة -وقيل أنها مزيفة- ومن ثم يدخل قصر العزيز، ويبتلى بامرأته، فيعافب بالسجن سنوات طويلة -هذا الإنسان الذي أعطي شطر الجمال في حياة الإنسان، يوضع في غياهب السجن-.. ثم يرى العزيز مناما يحتاج إلى مفسّر، وكان يوسف قد اشتهر بتفسير الرؤيا في السجون، وإذا به يصبح على خزائن الأرض.
فإذن، إن قضية يوسف -عليه السلام- كلها فرج بعد شدة: فالنجاة من البئر، كان فرجا بعد شدة محاولة القتل.. وبعد ذلك فرج في قصر العزيز.. ثم تأتي الشدة بعد ذلك في السجن، فيأتيه ذلك الفرج، ويا له من فرج!.. معنى ذلك أن قصة يوسف هي تجربة لبني آدم، وعليه، فإن على الإنسان أن لا يعيش اليأس في أسوء الحالات، ولهذا نبي الله يعقوب (ع) نصح أولاده فقال: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ}.. فالروح: يعني الرخاء، والمتنفس، والراحة.
{إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.. لماذا الكافر ييأس من رحمة الله، ومن روح الله؟.. لأن الكافر لا يرى وجودا لله عز وجل.. أما المؤمن فإنه يعتقد بأن هناك إلها، وأنه قدير، وأنه رؤوف.. فالمؤمن بعد هذه العناصر الثلاثة: الاعتقاد بالوجود، والاعتقاد بالقدرة، والاعتقاد بالرأفة.. إذا وقع بأشد الأزمات فما عليه إلا بالدعاء.. لهذا قيل: بأن الدعاء سلاح المؤمن، ومخ العبادة.. فإبراهيم (ع) يوضع بالمنجنيق ويرمى به في النار، والنار كما هو معروف بأنها محرقة على طوال الدهور والأعوام.. فمن يشك في أن النار محرقة؟.. وهل أن نمردو كان يتوقع أن تنقلب النار إلى برد وسلام على إبراهيم؟.. ولكن جاءه الروح من حيث لا يحتسب.. ونبي الله (ص) يدخل في غار، وآثار الأقدام تدل على أنه دخل الغار.. فهل يشك المشركون أن النبي في هذا التجويف؟.. وإذا بالله -عز وجل- يسخّر الحمام والعنكبوت، ليغطي على مكان النبي (ص)!..
وبالتالي، فإن الذي يقرأ قصة يوسف بتمعن، لا يكاد ينتابه الريب، في أن الله -عز وجل- هو المنفّس لكل كرب.. وإلا لو أن هذه القافلة لم تمر على بئر يوسف، أو مرت به بعد ساعات أو أيام، لمات يوسف في قعر البئر.. ولو أنهم ألقوا الدلو في البئر من دون أن ينظروا إلى ما في أعماق البئر، أيضا لما شعروا بوجود يوسف (ع).
والدرس الثاني من قصة يوسف (ع): أسلوب الدعاء مع البشر:
أولا: الخطاب بلفظ الاحترام: إن أخوة يوسف خجلون، جاءوا إلى يوسف وهو على خزئن الأض، {فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ}..خاطبوه بصفة الحكومة والملك، ولم يكونوا يعرفوا أنه أخوهم.
ثانيا: التذكير بالعنصر الاجتماعي، والإيثار: قالوا: {مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ}؛ أيها العزيز!.. نحن لسنا منكوبين فحسب، وإنما معنا عوائل، فنحن لم نأتك طلبا للفرج لأنفسنا، وإنما وراءنا أهل أصابهم الضر.
ثالثا: التعظيم: حيث قالوا: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ}؛ جئنا نشتري الطعام، ولكن يا أيها العزيز أموالنا لا تكفي، فبضاعتنا مزجاة قليلة، فكيف نشتري الطعام بهذه الأموال القليلة؟.. يا أيها العزيز!.. لا تعاملنا معاملة التجار، فإذا أردت أن تتعامل معنا معاملة الأسواق، فنحن خاسرون، وليس لدينا ما نشتري به طعاما.
رابعا: التذكير بالجزاء الإلهي: {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}، ثم انتقلوا إلى جانب استعطاف آخر، فأنت عندما تتصدق علينا، فهذا العمل لن يذهب هباء منثورا.. فهم لم يكونوا يعلمون بأن هذا نبي الله، وإنما كانوا يخاطبونه على أنه بشر عادي.
فإذا كان يوسف (ع) سامحهم، وأكرمهم، وعمل ما عمل.. فكيف برب يوسف؟.. إن عظمة يوسف، ورأفته، وحنانه، هي رشحة من رشحات حنان الله وعطفه.. وعليه، فإنه إذا أردنا أن نخاطب رب العالمين، علينا أن نسلك هذا السلوك، وهو: التحميد، والتعظيم، والتفخيم.. ولهذا فإن المؤمن لا يدعو إلا بعد أن يثني على الله حق الثناء، ثم يصلي على أهل بيته، ثم يدعو.
فإذن، التعظيم الإلهي، ثم الاستعطاف بذكر الآخرين.. ولهذا كان الإمام السجاد (ع) في أول يوم أو أول ليلة من شهر رمضان، يخاطب الله -عز وجل- ويقول: (وأنا ومن لم يعصك سكان أرضك، فكن علينا بالفضل جوادا، وبالخير عوادا يا أرحم الراحمين)!.. ولذا المؤمن يستخدم في الدعاء (نا): {رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ}. والفارق بين الدعاء للفرد، والدعاء للمجتمع، هما حرفان: هذا حرف تقول: اللهم ارحمني!.. وللآخرين تقول: اللهم ارحمنا!.. ما يضرك أن تضيف حرفا واحدا إلى دعائك، لتوسع الدائرة من نفسك إلى من يدب على وجه الأرض؟!..
ثم يأتي خطاب رب العالمين بعد العنصر الثاني، الذي هو الاستعطاف الإلهي بذكر الآخرين: يا رب!.. عاملنا بفضلك، لا تعاملنا بعدلك.. كما خاطب أخوة يوسف العزيز: يا أيها العزيز تصدق علينا، فإن الله يجزي المتصدقين.. فهذا الاسلوب علينا أن نتبعه في خطاب الله عز وجل.. وأخير تقول: يا رب!.. أمرت بالعفو وأمرت بالتصدق، فهذه الآيات وإن كانت كلمات صادرة من أخوة يوسف ومن يوسف، إلا أنها مقبولة عند الله عز وجل، ولو لم يكن هذا الكلام تاما كاملا، لما نقله القرآن الكريم.
وعليه، فإن القضية يجب أن تكون هكذا في دعائنا لله عز وجل، علينا أن نعيش هذا الجو بحذافيره؛ ليأتي ذلك الفرج الذي أتى ليوسف (ع).


شبكة السراج في الطريق الى الله

بدربونادر
09-23-2009, 01:49 PM
بارك الله فيك على هذا الطرح
لانه انا عجبني مسلسل النبي يوسف عليه السلام وكل مره اشوفه
بجد شي رائع

درة النجف
09-24-2009, 03:13 AM
اي والله قصة يوسف مستحيل نمل منها نشوفها عدت مرات
اف اف شكر لك على الطرح لااكثر من رائع

مآفي مني
09-24-2009, 08:51 AM
من جـد مآتنمـل :)

مشكور آخي آبو وج’ـدآن

احساس ملكه
09-28-2009, 06:34 AM
قصه روعه و لو تنعااد مليون مره محد يمل

بو وجداان

إبدااع واضح ورائع في القسم

يعطيك العاافيه

أهات العسكريين
09-29-2009, 03:23 AM
قصــة جنااااااان
تسلم على الطرح الرائع

دانه
10-04-2009, 07:24 PM
يعطيك العافية بو وجدان
قصة نبي الله يوسف من اروع القصص التي تحوي الكثير الكثير من الاحداث قصة مشوقه نتابعها بشغف شديد

دموع الوحي
10-04-2009, 09:22 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بسم الله الرحمن الرحيم


ابووجدان


جزاك الله الف خير


على هذه النقل


الرائع


تحياتي لك

أغاريد
10-23-2009, 07:10 PM
بوجدان الف الف شكر على الابداع في التامل في قصه من اروع القصص التي ذكرت في القرآن الكريم

وهناك فيها الكثير والكثير مواعض ولكن يجب التدبر في قرآتها والتمعن في التامل في اياتها القرآنيه