نجمة الليل دموع الورد كن مختلفا وقشر البرتقاله بالملعقه .... لـ(قدوة الصديقين) ][ ... المنتدى الإسلامي العام ... ][



التميز خلال 24 ساعة
العضو المميز الموضوع المميز المشرف المميز المشرفة المميزه
قريبا
بقلم :
قريبا قريبا


][ ... الرف الأدبي ... ][ •• قصص، روايات، كتب، شعر وخواطر ••

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-23-2010, 01:25 AM   #1
 
الصورة الرمزية HaSaN
Icon23 حب في السجن

كنت أتصور أن وضع الإنسان في السجن هو نهاية الدنيا , ولم تكن رجلي لتعينني على حمل نفسي إلى حيث يريدون وضعي " السجن " ليس لجريمة اقترفتها ولا لسوء خلق بدر مني ولكن بتهمة ( طولت اللسان ) .
ما الذي يمكنني أن أفعله وقد خلقني الله طويل اللسان كثير الشكوى والانتقاد , ربما هو عرق توارثته من أرض هجر وشاعرها ( طرفة بن العبد ) , لكن طرفة خسر عنقه بسبب شعره ولا أريد أن أفقد أنا رأسي الذي يحتوي على مطبات أزلية تناقش وتتساءل دوما عن الأسباب والعلل وبداية الحكاية ونهاية الرواية , ثم ماذا سأعمل وأنا بدون رأس وأين سأضع شماغي الأحمر وعقالي الأسود ؟
بالمناسبة فلون شماغي يشبه لون لساني , ولون العقال هو نفس لون لسان الشاعر جرير , وبين اللسانين فرق كبير , فهذا يمدح وينتقد ويصرح ولكن لا يوجع أحدا ولكن لسان جرير الأسود ألتف على أعناق الناس وأعراضهم فشتان بين اللسانين

الأفكار تسرع بقوة ولا أستطيع أن أمسكها , ويد السجان تجرني إلى زنزانتي , رمى بي هناك على الأرض بكل قوته , لم أتحرك من الأرض ولم أقوم جسدي حينها لأني كنت أنتظر سياط السجان لتقع على ظهري , ولكن ذلك لم يحدث فقد سمعت صوت باب السجن يغلق من خلفي , حينها نظرت للأرض بكل تمعن وقرأت فيها عذابات طوال طالت الكثير ممن سبقوني في هذه الزنزانة الموحشة , دفعت يدي بكل قوتي حتى أستطيع النهوض , وأخيرا حدثت المعجزة فها أنا أقوم وأقف وأمشي أيضا وتذكرت الآية الكريمة ((قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ))

لم تكن ظلمة السجن أشد من ظلمة قلبي الذي لم يستوعب الصدمة بعد , جدار مرسوم عليه شيء يشبه الوجه في الجهة اليمنى وفي الجهة اليسرى جدار صغير تتلوه حفرة خصصت كحمام للسجن ثم الجدار الكبير , أمامي بوابة السجن الشبكية ذات الحديد الأسود وخلفي جدار فيه شباك رفيع مغلق بشباك حديدي متين . وهناك ما يشبه المقعد الصخري

جلست هناك لوحدي فلا سجين أخر في العالم يستحق أن يوضع معي فجريمتي كبيرة جدا , والخوف الخوف أن أعدي الآخرين بمرضي فيعاني المجتمع من (( أحمدين )) أوأكثر بدل واحد فقط , جلست أسترجع ساعاتي الأخيرة قبل دخول السجن , علني أجد فيها ما يشغلني عن الأفكار السلبية التي تنتابني في ذلك الوقت .

أفكار وذكريات وخيالات ثم مثلها مرة أخرى وعلى هذا المنوال بقيت يوما كاملا لا أعرف نهاره من ليلة إلا من بصيص ضوء ضعيف يخرج من بين عواميد شباك النافذة .

كنت أصلي بصوت منخفض ولكن هدوء السجن وخلوه من الأصوات جعل لصوتي صدى قوي جدا , كنت أشعر أن جدران السجن تصلي معي أيضا وربما خشيت أن تسجد معي حين أسجد , ليتني كنت أحفظ شيء من سور القرآن الكريم الطويلة لكنت قرأتها ولكن للأسف فأني لا أحفظ إلا القصار منها ولكن لا بأس من قراءتها , كنت أقلد صوت القارئ الرائع محمد صديق المنشاوي وهو يجود حروف القرآن الكريم بطريقة جميلة تجعلك تشعر وكأنه ينحت في جبل الذهب , فيالله من ذلك الصوت الشجي , لكن حنجرتي ليس كحنجرته وغائرة فمي ليس كمغارته وحبالي الصوتية ليست كحباله , فشتان بين حبال يُسحب بها الجمل وحبال ينسج منها الحرير

لكن خلوتي تلك وتضجري قطعه صوت بكاء وصراخ !! من أين يأتي هذا الصوت يا ترى !! من النافذة الرفيعة خلفي نعم نعم أسمع صوت سياط وأسمع صوت صراخ , قربت من النافذة وحاولت أن لا أحدث صوتا كي أركز على الصوت القادم إلى مسامعي كان يبدوا لي أنه صوت فتاة , هل يعقل أن تكون فتاة تلك التي تجلد بالسياط !! كيف لي أن أعرف ذلك ؟؟ الفضول بدأ يحرك كل ما يمكن أن يتحرك في جسدي , فكرت ثم قررت ثم صرخت بأعلى صوتي (( يا من تصرخين أجيبي علي )) ثم كررت ندائي مرة ومرتين وثلاث وجاء الرد سريعا من قبل تلك الفتاة بكلمة ( آه آه ) وهي كلمة مغايرة لما سبقها من صرخات حين كانت تقول ( آآآآآآآه ) طويلة ومفردة , يبدوا أن صوتي وصل أخيرا لها جليا , فبدأت أرتب أسئلتي التي أريد أن أسألها إياها ولكن كيف ستجيب وهي تحت السياط ؟

جاءتني فكرة فرحت أصرخ بها وقلت (( يا من تصرخين أجيبي بنعم بكلمة آه آه وأجيبي بلا بكلمة آآآآآه )) فالأولى استثنائية والثانية دارجة في تألمها وعليها أن تجهد نفسها قليلا حين تجيبني بالإجابة الموجبة " نعم "
سألتها سؤالي الأول وكان عبارة عن مواساة لها (( هل تتألمين ؟ )) فأجابة (( آه آه )) يبدوا أن سؤالي غبي للغاية فمن لا يضرب بالسياط ولا يتألم !! ثم جلست أفكر قليلا ما الذي يجب أن أسألها بعد سؤالي الأول ؟ لكن صيحاتها الموجعة شلت تفكيري عن السؤال وكان صراخها شجي يذيب الجبال فكيف لا يذيب قلب رجل مثلي , لكني حاولت أن أجمد قلبي وأوقف من مشاعري وسألتها بصوت متقهقر ملئه الألم (( وهل جريمتك مثلي قضية لسان وبيان ؟ )) فأجابتني بنفس الإجابة الأولى وهنا شعرت بأني وتلك الفتاة متقاربان جدا , بل شعرت حينها بأن يد الجلاد ستتحول قريبا من فوق ظهرها إلى فوق ظهري , شعرت بالتقارب الكبير بيني وبينها فكلانا ضحيا لسان يقول الحقيقة في زمن ألا حقيقة , لكني عربي فهل هي مثلي عربية ؟ نعم سأسألها الآن هذا السؤال , فرحت أصرخ ووجهي موجه للشباك (( وهل أنتي مثلي عربية ؟ )) فأجابة بنفس الإجابة (( آه آه )) ثم عاودت صرختها السابقة الطويلة (( آآآآآآآآه ))

لا أعلم لماذا شعرت بأني أحب تلك الفتاة وكأنها نصفي الأخر سجن هناك في الزنزانة الأخرى , لكن كيف يمكنني أن أفكر بالحب وأنا أسمعها تصرخ وتتعذب , ماذا يمكنني أن أفعل لأصبرها وأسليها ؟ فكرت كثيرا ووجدت أملا نعم سأفعل مثلها وسأصرخ بكل صوتي على وقع ضربات سياط السجان
وبدأت أصرخ (( آآآآآآآآآآآآآآآآه )) ثم تصرخ هي (( آآآآآآآآآآآآآه )) وبقينا على هذا المنوال ساعة لكن صوتها اختفى فجأة , فرحت أصرخ لوحدي علها تسلوا بصوتي , ولكن أبدا لم أسمع صوتها مرة أخرى , أصبت بإحباط كبير وضيقة في الصدر شديدة ولكني تماسكت و بدأت أبحث عن إجابة لهذا الانقطاع المفاجأ لصوتها , ووجدت الإجابة أخيرا حين سمعت صوتا يصرخ بالقوة (( أرموا بالجسد في أي حفرة وادفنوه )) نعم لقد قتلوها بالسياط , قتلوها بجريرة لسانها , قتلوها ولم أصرح لها بحبي , قتلوها ولم أغني لها بعد أغنية( أحببت امرأة عربية وأمها أيضا عربية ) قتلوها ولم تحن لي الفرصة لرؤيتها ومعرفة ملامح وجهها الطاهر , يا ترى هل هي سمراء مثلي أم بيضاء كلون قلبها ؟ , هل هي صغيرة في العمر أم كبيرة وهل هي متزوجة أم عزباء وهل وهل وهل ............ ألخ أسئلتي لم تنتهي , ماتت قبل أن أرثيها بقصيدة , (وهل يسمع الرثاء أهله يا مجنون )
ازدادت نبضات قلبي في السرعة وخفق قلبي بقوة وتسارعت أنفاسي ورميت بنفسي على الأرض وبكيت كالأطفال

من مواضيعي

0 دجاج كنتاكي .. الخلطة الســــــــرية ..
0 في عكـــــــــــآأظ ... ؟
0 نيران الشوق...بقلمي (2)
0 تصميم .. 2
0 عزف - بنفسي


  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 11:51 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi