هموم و مرتكزات تلامس عباءة الشيخ العمري

سلسة متتابعة من الأحداث وقراءة متفرقة على أوراق متبعثرة تلامس هموم المواطن الشيعي. تستقرء أمرا قائما بذاته و تستظهر صورا متباينة لواقعنا الحياتي. تحاكي مشاريع و أفكار متداولة و تترقب تجارب في طريقها للتطبيق و تستلهم مواقف بناءة و أخرى آيلة للسقوط.
هذا هو حال متابعنا لهذا اليوم و يهو يتلقى المفاجآت من كل حد وصوب في دائرة مفتوحة ليصبح هذا الإنسان المسكين الموالي هو مركز الدائرة المفتوحة يتلقى مختلف صور السلب الذاتي للهوية و للتدين و للمواطنة. وخيرا كتب كاتبنا معنونا مقاله بان المواطن الشيعي بالمملكة هو رمز الصمود. نعم إذ أن قدره أن يصمد منذ الولادة إلى ما شاء الله. هذا قدرك أيها الموالي أن تكون في هذا الموقع و أن تجلس على كرسي الامتحان و البلاء.. هذا قدرك أن تتجسد فيك روح هابيل و تنبذ بالمقابل سلوك قابيل.. أن تمد يدا للسلم و يدا بها سراج ذو فتيلة من نور.
هي مقاومة
هي مقاومة من المهد إلى اللحد وهي مقاومة ثقافية و تحصين ذاتي لكل معاني الطمس الذاتي وهي مقاومة ثقافية لكل معاني الغزو الثقافي سواء كان باسم الدين او تحت عنوان أخر وهي مقاومة لكل أشكال العنصرية وهي مقاومة لكل صور التطرف و الطائفية وهي مقاومة لكل حركات التعسف و الاضطهاد وسلب الحقوق من خلال تصرفات فردية لا تمت للوطن و القيادة بصلة و تسيء للأمن و العيش المشترك.
العباءة الدينية
أو رجل الدين أو طلبة العلوم الدينية أو العلماء أو الفقهاء أو الفضلاء أو السماحة أو آية الله أو المراجع العظام من الشيعة أو أي عنوان من هذه العناوين هم ركائز المذهب ونور الطائفة و أعمدة الحركة الإسلامية الأصيلة فهم بالتالي يشكلون ثقلا كبيرا لدى أتباعهم و محبيهم من شيعة أهل البيت عليهم السلام فهم لهم من الإجلال و الاحترام بمكان ما إن نقطوا بوعي فان قولهم الفصل و حجتهم مقبولة و بينتهم واضحة وقراءتهم دقيقة وفعلهم ملموس و أن التعدي على احدهم سواء بالقول أو بالفعل فانه قد اعتدى على ركن متين من أركان المذهب و قد تجرئ على عمود من أعمدة الطائفة لان مشروع العباءة و العمامة بالأصل هو إبراز مشروع أهل البيت عليهم السلام و تثبيت فضائلهم و مناقبهم و العمل على تهيئة الأجواء المناسبة لتحقيق ذلك. لذا فإننا نلاحظ في هذه المرحلة بالذات الهجوم الحثيث و السعي الدءوب من القوى الخارجية و أعداء الدين و المذهب لإسقاط رجال الدين من عيون أتباعهم فان سقطوا أو شككوا فيهم بالتالي شككوا في أقوالهم و رواياتهم، و هذا ما تروج له القوى الخارجية من خلال إيجاد الفرقة بين المسلمين أنفسهم و أيضا ما يسعى له أعداء المذهب من خلال القنوات الفضائية المشبوهة أو عبر المواقع الالكترونية المتطرفة. فهذه هي خطتهم و هذه هي طريقتهم للإيقاع بين رجال الدين و أتباع المذهب الواحد من خلال التغلغل في عمق التناقضات التي يفرزها الواقع الشيعي. و هذا ما ينبغي أن يتم التنبه له من اجل إفشال كل المخططات التي يسعى لها الأعداء. وهذا و للأسف الشديد ما يتلقفه بعض الجهلة من أتباع المذهب لينشروا التفكيك و التشكيك في القيادة أو في المعتقد أو في الدين، في حين أننا لا نبرئ الساحة بالكامل و لكن تبقى المراجعات النقدية ضمن حدود الأسرة الشيعية و التي تتميز قياداتها بالذكاء و الحكمة و العقلية الراقية في معالجة الأمور. فكل عباءة لها من الإجلال و الاحترام ما دامت في خدمة الإسلام المحمدي الأصيل سوء أكانوا سيستانيون او خمنئيون او خوئيون او شيرازيون او غير ذلك او كانوا أصحاب تيارات فكرية مختلفة ينهلون من نفس المنبع الصافي.
الشيخ العمري رمز الوطنية و العطاء الإنساني
إن العقلية الإنسانية الراقية والواعية تسعى بكل ما بوسعها نحو عملية رؤية الواقع بالشكل الموضوعي و معالجة القضايا بواقعية وصدق و محاولة بذل الجهد لتجسيد الفكر الموضوعي لحل المشاكل التي تعيق مسيرة الإنسان في الحياة و التي تشكل حجر عثرة تقف أمام تقدم الكيان الإنساني نحو مستقبل منظور. فالأحداث التي وقعت في المدينة المنورة و اعتقال الشيخ العمري شكل فجوة نفسية عميقة لبعض العلاقات الإنسانية في هذا البلد الكريم و التي تنم عن بعض السلوكيات الفردية التي تنطلق من منطلقات وطنية بذريعة حماية الوطن و المواطنين بالتأكيد فان كل فرد من أفراد هذا الوطن هو مسئول مسؤولية كاملة عن امن و حماية هذا الوطن من كل عابث. إلا أن استعمال هذا المنطلق للنيل من الشخصيات البارزة لدى طائفة كبيرة في هذا البلد هو أمر يحتاج إلى مراجعة نقدية لانتهاج السلوك القويم و التصرف الصحيح في مثل هذه المواقف لان الأصل في كل بلد واعي هو احترام الشخصيات الوطنية خصوصا الدينية منها.
في الأخير نهنئ أنفسنا و أنفسكم في إطلاق سراح الشيخ العمري في هذا الشهر الكريم. هذه الشخصية البارزة التي عرفت بتقواها و بورعها و بسماحتها و بكرمها و حسن خلقها. و نرفع أيدينا لله عز و جل أن لا يرينا مكروها في هذه الشخصية الجليلة و لا في غيرها من الشخصيات و أن يمتعنا بدوام النظر إليه و الاستماع إلى عذب حديثه المفعم بإبراز مناقب محمد و أهل بيته الطيبين الطاهرين.
واصل علي الفضل
منقول شبكة راصد الإخبارية