عرض مشاركة واحدة
قديم 11-25-2008, 02:48 PM   #2
حويراتي مميز
 
الصورة الرمزية الراحل الحزين
Awt4 تابع >>>>>


سألني أخي ان كنت أريد ان نذهب الى الشاطيء ام مدينة ملاهي العقير الكبرى أم مدينة العقير المحصنة أم ، فرددت بسرعة :- لا ..لاحقين على مدينة العقير..خلينا أول نشوف الهفوف القديمة.


خلال ثلاث أرباع الساعة كنا على مشارف الهفوف القديمة .. انتعشت أساريري وتفتقت أحاسيسي عن مشاعر الغبطة والاندهاش وأشرأبت أعناقنا ما إن وقعت أعيننا على سور الهفوف القديم وقد أعيد بناؤه بأحجار صخرية صلبة وبطريقة الحصون القديمة فبدا مهيباً وآية في الجمال.


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



في الصورة أدناه: احدى بوابات المشاة ( نقب رسيول سابقا ببفريج الشمالي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة)


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


وقفنا عند بوابة الهفوف الجنوبية الكبيرة ( وتسمى دروازة الجرن) نتأمل روعة زخارفها الاسلامية وذلك اثناء انتظار طابور السيارات الداخل لقلب الهفوف حيث يتم التفتيش عن الهوية بواسطة الشرطة .


كانت البوابة من الضخامة بحيث يعبرها ثلاث مسارات ذهابا وأخرى إيابا ..ومع ذلك بدا انسياب الطابور سلساً والسيارات منتظمة ، ولا تسمع طيطاً ولا بيباً !، فكنت أعجب وأقول : سبحان مغير الأحوال..كنا وين وصرنا وين!


كان يحيط بالسور بساط أخضر يليه الطريق الدائري الداخلي الفسيح والمزين بأعمدة الانارة المعتقة تتدلى منها أصص تزينها الورود.



في الضفة الاخرى للدائري الداخلي بدت أبراج سكنية تجارية حديثة لا حصر لها وتنوعت بأشكال هندسية مبتكرة ورائعة.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



قال أخي أحمد:- إن للهفوف المحصنة اليوم أربعة بوابات كبرى عدا الأخرى الصغيرة المخصصة للمشاة وأشهرها " نقب رسيول" في الشمال من السور، فهناك البوابة الجنوبية ( الجرن) كما رأيت، والبوابة الشمالية وتسمى دروازة الخميس ، والبوابة الشرقية وتسمى دروازة الرفاعة- الفوارس، والبوابة الغربية وتسمى دروازة الكوت.

خريطة الأحساء الحديثة توضح التغيرات الجذرية للأحياء القديمة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



بعد فترة وجيزة من الإنتظار عند البوابة سُمح لنا بالدخول فأخذنا الشارع المؤدي للرفعة والنعاثل . تقافزت رؤوس الأولاد عبر النوافذ لرؤية الميدان السياحي للحي ذو الممرات المفروشة بالبلاط المعتق والبساط الأخضر والأحواض التي حوت أشجارا مختلفة للزينة توفر الظل الواقي عن الحرور ويتوسطها نوافير جميلة ومجسمات مبتكرة من واقع الأحساء.. وأحاط بالميدان حلقة كبيرة من المحلات الأثرية للمهن اليدوية العتيقة.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



ابتدرت أخي بالسؤال: بوجاسم ! انا بحلم والا بعلم ؟ هذي الرفاعة ما غيرها؟


ابتسم ولم يرد ومالبث ان توقف في أحد مواقف الأجرة بالساعة.. وبعد وضع العُملة في عداد الموقف ترجلنا نستطلع المكان وإذا هو مليء بالسواح من كل صنف ولون ..فهذا يجاذب أطراف الحديث مع زوجته على كرسي تحت الظل ، وذاك الطفل يجري خلف طائرته الورقية.. وكل يغني على ليلاه.


عبرنا الميدان الى المحلات المجاورة فمررنا ببقالة قديمة ومخبزٍ للخبز الأحمر وآخر للأبيض ثم عددا من المقاهي الشعبية ومطعم كباب بوخضر ومحل للفول والفلافل والمطبق ومطعما للكراعين بالخبز الحساوي .


في جانب آخر كان هناك محلات عتيقة للحدادة والنجارة والصفارة والقفاصة والخواصة وصناعة المداد والحصر.. فكان بحق معرضا دائما للحرف اليدوية العتيقة. كانت كل هذه المحلات محدثة البناء على الطراز القديم من منازل الرفعة والنعاثل القديمة.


تعلم أبنائي الكثير من تراث آبائهم وأجدادهم ، ثم قفلنا راجعين الى الشارع الرئيس بالهفوف المحصنة.


وصلنا في وقت قياسي رغم الزحام الى شارع القيصرية بحي الرفعة الشمالية.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



رأينا القيصرية بحلتها الجديدة لكن بنفس النكهة القديمة ، وقد أضيف خلفها نسخة مشابهة للأصلية لكن مع وجود باحة معتقة فسيحة ومغطاة بالمظلات التي تفتح نهاراً وتغلق ليلا ، وخصصت تلك الباحة لمجمع المقاهي و المطاعم الشعبية وقسم آخر لمجمع مصغر للخضروات والفواكه والحووايج والبقالات القديمة.


رغم ان الوقت أصبح متأخرا من الصباح الا ان أعداد كبيرة من رواد القيصرية وعشاقها تناثروا بين جنبات باحتها يحتسون القهوة والشاي ويشربون الحليب المطعم بالزعفران والهيل ويغمسون بها البقصم المحلى!


هنا تنازع الأطفال أطراف ثوبي يريدون تذوق الحليب بالبقصم وصحناً من الفول على- وشو! فلم ار بدا من الرضوخ لطلبهم ..خصوصا وأن عصافير بطني بدأت تُصَوصَو (<< أي تغرد بالحساوي!).


قات لأخي: وأم العيال شلون معاها يا بوجاسم ؟


قالك: ايش تقصد ؟


قلت: وين نوديها ؟


قال أحمد: الله يا بوعلي خبرك عتييييييج! ألحين عادي..هنا في مكان مخصص في القيصرية للعوايل ..ولو تطالع الحين ترى أن بعض المحجبات هناك حساويات ! الله يستر عليهم وعلينا!


قلت متنهداً: الله يالحسا ! صج ما يدوم على حال الا الدائم القيوم الذي لايموت.


قال أخي: اذا تبي تفطر أم علي معانا والا ترى الفوارس مول قريب حتى مشيا على الاقدام. هنا دخلت أم علي على الخط وقالت : ما أفوت البقصم والحليب المزعفر لو على قطع الرقاب!


قلت: خلااااص ..قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان.


" تريقنا وانبسطنا ع الآخر" ثم غادرنا بعدها وفي أفواهنا طعم لا ينسى وتجربة رائعة لن تغادر ذاكرتنا لسنوات قادمة.



في الجانب الآخر من المدينة المحصنة وتحديدا بالكوت مقر الحكم قديما زرنا عدة منازل قديمة حولت الى مقرات أشبه بالمتاحف التراثية لحفظ كل ما يتعلق بأدوات وأثاث وتقاليد المنازل القديمة.. ولا زال قسم من المنازل بالكوت يسكنها بعضا من سكانها الأصليين.


لفت انتباهي مبنى الإمارة القديم وكنت أعرفه من الصور القديمة وقد أعيد بناؤه على هيئته السابقة الرائعة وتم تحويله الى متحف لحفظ تاريخ كل من حكم الأحساء ، بدايةً من آثار حضارة العبيد ومجان والجرعاء ومرورا بحكم الفرس أيام الجاهلية والقرامطة والعيونيين والجبريين وانتهاء بحكام الدول السعودية الثلاث.


ولم أجد أثرا لعمارة السبيعي أو سوق اللحوم أو عين عطية ..لكن المدرسة الأميرية الأولى لا زالت متألقة تسر الناظرين.


بارتفاع صوت الأذان لصلاة الظهر اقمنا الصلاة في أحد مساجد الفوارس وقد جددت على أحلى طراز إسلامي.


لم نتغد فلا زال الفول جاثما في المعدة ..بل واصلنا مسيرتنا السياحية.


غادرنا شمال الهفوف القديمة عبر دروازة الخميس دون تأخير الى الشارع الملكي وكنت ظن اني سأرى طوابير السيارات للاصلاح او تغيير الزيت متراصة خلف بعض..لكن الحال كان غير ذلك.


انطلاقا من دروازة الخميس كان هناك شارع فسيح ذو أربع مسارات ذهابا ومثلها إياباً..وعلى الجانين مواقف ملئى بالسيارات.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة




يا لله ! لقد نُزعت ملكية جميع محلات الشارع الملكي وأزيلت من الوجود ..وكذلك فعلوا بجميع المزارع المجاورة مع حفظ نخيلها وأشجارها وحُولت الى منتزهين كبيرين شرقي وغربي...أما الغربي وكان الأكبر فكان ممتدا من حدود الشارع الملكي شاملا كل مزارع السيفة حتى عين البحيرية ومزارعها المجاورة.. وقد تم تسمية المنتزه "منتزه أم خريسان" تخليدا لهذه العين العريقة.


أنعطفنا نحو هذا المنتزه الجميل ودخلناه..وللوهلة الأولى ظننت أني أحلم مجددا.. فلقد عادت ام خريسان للتدفق كأحسن ما يكون، و تم بناء مسبح كبير مغطى بالمظلات تخطف زرقته الأبصار ، وفي جانب آخر كان هناك قاعة مغلقة تحوي مسبحا للنساء.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



قت لأخي أحمد..عجباً.. كيف عادت العين للتدفق من جديد؟؟؟


ابتسم أخي بلغة الواثق وقال : ماكو شيء صعب على العلم حبيب قلبي ابو علي!


قلت كيف؟ قال : ألا تعلم بأن الأحساء تسبح فوق بحر من المياه الجوفية العميقة بمساحة تقدر بحجم الخليج العربي ؟ قلت سمعت ذلك في أمريكا ولم أصدقه..ظننت أن في الامر مبالغة أو مقدمة من الأمريكان لوضع قدم لهم في الأحساء كما فعلوا بالعراق– لا وفقهم الله.


قال لا.. هذه حقيقة وليست خرافة ..وأثبتنا هذا الكلام بمشروع عملاق كلف الدولة أقل من ملياري ريال ، فلقد تم بواسطة هذا المشروع وبطريقة علمية دقيقة توصيل المياه الجوفيه العميقة بجارتها السطحية والتي كانت قد جُفِفَت في السابق بالاستخدام الجائر للمياه في الأحساء.


قلت مستغربا: هذا يعني ان كل عيون الاحساء أوجلها قد عادت للتدفق؟.. قال: نعم هو كذلك.


قلت: الله يخلي بوكبوس ما خلوا شي..قال: لا يا بوعلي ، كله تم بأيدي سعودية حساوية..


قلت: لا ..هنا وحدك ..ما أصدق لوحلفت بمن رقى المَدة ونزل المدة ، صعبة أبلعها ذي ..قال: تكبر وتشوف أكثر وأعجب ..فضحكنا معا وضحك الأطفال لضحكنا دون ان يفهموا ما نقول.


من هناك أخذنا جولة باستخدام القطار المحلي الصغير لنقل الزوار ..وكان لدينا خيارات أخرى كالحمار والقاري أوالحصان والحنطور أوالعربة الدرًاجة لكننا تركناها جميعا بحثا عن الراحة والسرعة ..فنحن في عصر السرعة.


بعد الجولة توقفنا لتناول الآيسكريم وأخرى للدخول للحمام ( << ما يتحملون العيال أكثر بعد)..لكن التوقف الأجمل كان عند القبة الزجاجية .


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


قطعنا التذاكر ودخلنا قبة زجاجية رائعة مكيفة قد جُعلت مكانا مخصصا لعرض مختلف أنواع الحدائق العالمية ..اليابانية والأوربية والمكسيكية والصحراوية ..بالأضافة ..الى حديقة مغلقة للطيور الملونة وأخرى للفراشات.


كانت الحديقة قمة في الروعة ..تُدار بطاقم خليط من الأجانب والأحسائيين.


تلى ذلك زيارتنا للأكويريم ( مسبح وعرض الحيوانات المائية المغلق) وكان قريبا ومعتمِدا على مياه عين البحيرية المجاورة له.


لقطة من احد جوانب الاكويريوم ويظهر في الصورة واحد حساوي شقردي ( ما هو سايحنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة)
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


قضينا بقية النهار في هذا المنتزه الرائع حيث تكثر الأستراحات المفتوحة والمظللة والبحيرات المصطنعة التي يسكنها البط والأوز..وعددا من النوافير والمجسمات..وقد وخُطط المنتزه بتنوع يريح أعين المُتَنزَه الزائر.


رغم أنه كان هناك سلسلة من المطاعم السريعة في مجمع المطاعم بالمنتزه ..الا اننا اخترنا تناول "سناك خفيف" وأعقبنا ذلك بصلاة العشائين في مسجد المنتزه ، حيث كان بالمنتزه مسجد للسنة وآخر للشيعة!


( <<< يمكن ذي صعبة شوي تنبلع...خخخخ).


بعد العشاء قفلنا راجعين الى المنزل بعد يوم جميل وعزمنا العودة مجددا في الغد لاكمال الجولات السياحية.






انتهى الجزء الأول من القصة




انتظروا المزيد من روائع أحساء المستقبل في الجزء الثاني

حقوق الطبع والنسخ محفوظة للكاتب ..أرجو الأستئذان وذكر الكاتب في حال نقلها..مع تحياتي

الراحل الحزين
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
من مواضيعي

0 مع الاعتذار الشديد للحيوانات ...!!!
0 زواج طفلة لبنانية وسط الدموع
0 هذي الصورة لحديقة خادم الحرمين الشريفين
0 كيف يتحلل جسم الإنسان بعد الدفن
0 الموسوعة المبسطة لجبال الأحساء ...تقرير مصور


التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةالسلام على الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس