لعل من الصعــب في هذا العصـر الذي نعيـش فيـه ان نعثـر على نفــس راضيــه فالكل يشكــو وبعض الشكـوى مصدره واضـح مثل ضيق ذات اليـد وكثـره المشكلات الاقتصاديه وعجز الانســان عن تحقيق كل ما يحلم به , وبعض الشكــوى مصدره شئ غامض في النفوس , يحرك فيها الغضب وعدم الرضا دون معرفه السبب الذي يؤدي الى ذلـك , ويكفي ان يطمئـن الينا شخص ما حتى يبدأ في التعبير عن شكواه وعن احساسه بان الحياه لا تعطيه ما يريده او ما يستحقـه .
ان ظاهــره عدم الرضا هذه تنعكس على كل شئ في الحياه فتجعل الانســان اقل قدره على الانتاج والعمل مما كان يستطيع تحقيقه لو انه كان من اصحاب النفوس الراضيــه.
كما ان عــدم الرضا لابد ان يكون مصحوب بالتوتر الدائم والاعصاب المشدوده وعدم الصبر على التعامل مع الاخرين حتى لو كانوا اقرب الناس اليــك وهذه كلها امور تفســد الحياه وتجعل الايام تمر علينا في صعوبه شديده فنصبح وكاننا نتجرع الحياه ولا نعيشهــا .
كما انه كثيرا ما يؤدي الى امراض في الجسم مثل ارتفاع ضغط الدم والارق وعدم القدره على النوم الهادئ الخالي من الكوابيس والاحلام المزعجــه .
على ان النفس الراضيه ليس معناها النفس السلبيه المستسلمه , بل انه ليس في الدنيا اقوى ولا اشد صلابه من اصحاب النفوس الراضيه فهذا الرضا يجعل متاعب الحياه بسيطه ويجدد مطالب الانسان فلا يشتط ولا يبتعد عن ما هو كريم وعفيف ولا ينظر الى ما في ايدي الاخرين ويسعى للقتال من اجل الحصول عليه لنفسه.
فانا اؤمن بان افضل الناس هو اجدرهم بالاكبار وان اقواهم هو الذي يمد يده لمساعده الغير وان اقلهم قدرا هو الاناني الذي يخطف ما ليس من حقه واما احقرهم فهو الذي يعتدي على الاخرين.
اذكــر انني عندما تخرجت من الثانويه العامه حصلت على فرصه للدراسه في احدى ارقى الجامعات وكان حينها الشي السلبي بها هي انها بمدينه بعيدة عن مسقط رأسي مع انها ناسبت طموحي كثيرا بأن أتخصص في علم النفس او الطب النفسي او الفلسفة اللتي كانت من اولويات طموحي ومع ذلك رفضت تلك الفرصه وكان سفري سيعرضني للحرج الشديد لو ذهبت ولم اتحمل لأني بطبع اكره الغربة ورضيت بان اشق طريقي في الحياه دون تدخل من الغير , وكنت حينها سعيدا لتغير طموحي والتأقلم معه وتحقيق ما كنت اتوق له من تفوق جديد بتخصص جديد بعيد كل البعد عما كنت اصبوا اليه ولكنني احببته وابدعت فيه .
وقد كانت هذه الفلسفه نعمه كبرى عندي لانها حررتني من قيود قد تستعبد الكثيرين , فلقد وجدت فيها حريتي من الشعور بانني لست نادما .
هذه الفلسفه وهبت لي اعز ما املكه فقد جعلت لي صديقا وفيا يعيش في اعماقي وهو ضميري الذي لم يخذلني في يوم من الايام مع كثره الشدائد التي اعترضت سبيلي.
الخلاصه بانك اذا رضيت بما وهبك الله من نعم وعملت عملا صادقا وشريفا فانك ستحقق جميع احلامك فان لم تتحقق لك , فانك ستنام مبتسمــا لانك راضي عن نفســك.
...............يتبع