باب التقليد والاجتهاد
س10 : إذا تعينت المصلحة الإسلاميّة في تقليد غير الأعلم فهل يجوز تقليده ؟
تقليد المجتهد الأعلم يبتني على حجيّة فتوى الأعلم الورع في معرفة الحكم الشرعي وعدم حجيّة المعارض له ممن هو دونه في العلميّة , وهي كحجيّة شهادة العدل في معرفة الموضوع ,, ولا معنى في أن تقتضي المصلحة الإسلامية خلاف ذلك .
وعلى المؤمنين – أعزّ الله تعالى دعوتهم – أن يتمسكوا معتزين بضوابط قضية التقليد الشريفة ونحوها من قضاياهم الشرعية المبنيّة على أصولهم الرصينة وقواعدهم المتينة , التي قادتهم وسارت بهم على مرّ العصور , وشقت بهم الطريق في ظلمات الشبهة والفتن والمصاعب والمحن , حتى وصلوا بقوة حجتهم , وتناسق دعوتهم إلى المقام الأسمى , بين الفئات الأخرى التي ارتطمت في الشبهات , وسقطت في هوّة التناقضات وإياهم وتركها والتفريط فيها فيتيهوا في التائهين ويتحيروا في المتحيرين .
والأولى بهم بدلاً من ذلك أن ينتبهوا إلى أن المصلحة الإسلامية , بل الواجب الأعظم الملقى على عواتقهم هو التثبت في تشخيص صغيرات هذه الكبريات الشريفة , والتورع في ذلك , وإبعادها عن المنافع الفرديّة , والأهواء الشخصيّة , والإخلاص لله تعالى في كلّ ما يتعلق بذلك طالبين بذلك الحقيقة للحقيقة , أداءً للواجب , وإحرازاً لبراءة الذمة فإنّا محاسبون ومسؤولون أمام من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ( يوم لا يغني مولىً عن مولىً شيئاً ولا هم ينصرون ) .
وإن الله سبحانه وتعالى لا يضيع حجته ولا يعرض عن هذه الطائفة التي اختارها لتحمل رسالته وإبلاغ دعوته , وإنما يعرض عنَّا إن أعرضنا عن حجته البالغة , ويكللنا إلى أنفسنا ( وإن تتولّوا يستبدل قوماً غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم ) , فنسأله سبحانه العصمة والتسديد وهو حسبنا ونعم الوكيل .